رغم كل الشعارات باسم الأمة العربية ، والتضامن العربي ، والوعود البراقة التي تبجح بها العراق ، إلا انه في يوم 2 أغسطس من عام 1990 ، استبيحت الكويت بعدوان غاشم من قبل القوات العراقية ، فلذلك وقف الشيخ / زايد وقفة الزعيم الذي لا يساوم ، وصيحة النداء الصادق النقي .
لقد وضع الشيخ / زايد أزمة الخليج في إطارها الصحيح حين أكد موقف دولة الإمارات الرافض للعدوان العراقي المنبوذ وأشار بكل وضوح إلى أن حل الأزمة يتمثل في الانسحاب العراقي التام وغير المشروط من الكويت ، وانه لا بد من عودة الحكم الشرعي بقيادة الأمير / جابر الصباح ، واحترام إرادة الشعب الكويتي ، وتطبيق الإرادة الدولية الجماعية فهي السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة وتجنيب المنطقة والعالم ويلات الحروب .
لقد كان لمواقف الشيخ / زايد الثابتة ، والتزامه بالعهود ، والمواثيق الأخلاقية ، والإنسانية ، والدفاع عنها مهما كانت النتائج والتضحيات ، لهي مميزات إسلامية في قيادته الحكيمة أكدتها التجربة ، ورسختها الممارسة .
فمنذ الاحتلال العراقي الغاشم لدولة الكويت ، وخلال لقاءات واتصالات الشيخ / زايد بالعديد من القيادات السياسية العربية والصديقة والدولية ، حرص القائد على تأكيد موقف الدولة الثابت في تضامنها مع حكومة وشعب الكويت الشقيق ، ورفضها الاحتلال العراقي ، ودعوتها للانسحاب الكامل ، وغير المشروط وعدم الاعتراف بضم الكويت ، وأية نتائج تترتب على ذلك .
وما أكده زايد بالأمس هو نفسه ما أكده قبل الغزو العراقي للكويت ، وهو نفسه ما يعكس نهج القيادة الحكيمة التي تعتبر الأسرة الخليجية كلا لا يتجزأ ، وأن الدفاع عن الجزء هو الدفاع عن الكل والعكس صحيح ، لقد قال الشيخ زايد : الكويت هي إحدى الدول التي تشكل الأسرة الخليجية في إطار مجلس التعاون ، فإذا وقعت أي واقعة على الكويت ، فنحن أعضاء المجلس الخليجي للتعاون ككل ، لا نجد من الوقوف معها بداً ، مهما حدث ، فهذا الشيء نعتبره فرضا علينا يمليه واقعنا ، وتقاربنا ، واخوتنا ، نحن جسم واحد ما يصيب أحد أعضائه من ضرر يصيب الآخر ، وكما يواجه الإنسان الخطر عندما يقترب منه ، ويداهمه فان عليه إن يواجه بمثله .
وعندما نفذت كل الحلول وكل الجهود السلمية ، ووصلت جميعها إلى طريق مسدود مع حاكم العراق ، كان لا بد من تحرير الكويت بالقوة ، واعتبر الشيخ / زايد قضية تحرير الكويت قضية مصيرية للمجتمع حيث قال : إن دولة الكويت ستعود حرة كما كانت قبل الاحتلال الغاشم ، لأن قضية تحرير الكويت تعد موقفاً مصيرياً للمجتمع الدولي تأكيداً للمبدأ الذي يقضي بحرمان المعتدي من الاستفادة من عدوانه ، وحرصاً على استقرار المنطقة والشرعية الدولية .
وانطلاقا من مواقف دولة الإمارات العربية المتحدة الثابتة ، والمؤيدة لقضايا الحق ، والعدالة ، وانسجاما مع إرادة المجتمع الدولي ، فقد أكدت دولتنا الفتية بزعامة الشيخ / زايد تأييدها التام للخطوات المتخذة لتلك القرارات الهادفة ، لتحرير الكويت بعد فشل كافة الجهود ، والمساعي التي بذلت من الغزو العراقي لدولة الكويت ، وحتى انتهاء المهلة التي حددتها الأمم المتحدة .
وانطلاقا من وفاء دولة الإمارات العربية المتحدة بعهودها والتزامها بمواثيقها ، فقد استلزم الاعتداء على الكويت الشقيق أن تهب دول الخليج الأخرى شعبا وقيادات ، ومعها شرفاء العرب ، والأصدقاء من دول العالم لتحرير أراضيها ، وهكذا خاضت قواتنا على أرض الكويت الشقيقة معركة التحرير بكفاءة عالية ، وشجاعة نادرة ، ضاربةً في ميدان الشرف ، وساحة القتال أروع البطولات ، والتضحيات المعهودة من أبناء قواتنا البواسل الغيارى على حرمات الدين والوطن ، الذين لبوا نداء الواجب يذودون بأرواحهم ويذودون عن كرامته جبروت الطغاة ، وكيد المتجبرين ، الذين لم يراعوا حرمة الجوار والدم والعقيدة .
إن امتزاج الدم الخليجي في حرب تحرير الكويت قد جعل من الوحدة الخليجية حقيقة مائلة ، وراسخة على أرض الواقع مثلما كانت ماثلة وراسخة من قبل في مشاعر جميع الخليجيين ، فلقد كان الخليجيون جميعهم في قلب هذه المعركة التي أطلق عليها بحق اسم حرب الخليج وكان فيها لكل بلد خليجي أبطال يرفعون أعلام بلادهم ، ويشاركون بسلاحهم في معركة الدفاع عن الحق والعدل .
اخوكم
سهيرالليل